Admin Admin
عدد المساهمات : 183 تاريخ الميلاد : 30/06/1997 تاريخ التسجيل : 21/12/2009 العمر : 27
| موضوع: إرميا – الإصحاح التاسع عشر الخميس فبراير 04, 2010 6:16 pm | |
|
إرميا – الإصحاح التاسع عشر
مثل الإناء الخزفى
فى الإصحاح السابق قدم الله لنا نفسه بكونه الفخارى السماوى ، الذى يهتم بالإناء الذى يسقط بإرادته من يد الفخارى ، فيجمعه من جديد ويشكله ليجعل منه إناء للكرامة . هنا يقدم لنا الإناء الخزفى المصر على العناد ، والذى لا يستحق إلا كسره !
فى هذا الإصحاح يؤكد أن الدمار والسبى قادمان ولا مفر منهما ( ع 10 ) ، حيث تلقة الجثث كالخزف المكسور إلى قطع صغيرة ، لا تستحق إلا تركها خارجا فى الشوارع أو فى اماكن القمامة :
( 1 ) رسالة أمام شيوخ الشعب " هكذا قال الرب :
اذهب واشتر ابريق فخاري من خزف ،
وخذ من شيوخ الشعب ومن شيوخ الكهنة .... " ع 1 .
بصفة عامة لم يقبله شيوخ الشعب ولا شيوخ الكهنة ، لكن بلا شك كانت هناك قلة تتطلع إليه كنبى مرسل من الله . فجاء بهذه القلة كشهود على كلماته أمام الشعب والكهنة مع بقية القيادات . جاء بمندوبين عن الشعب ( العلمانيين ) والكهنة .
البعض حضروا ليجدوا فرصة لجمع منطوقات من فمه تشهد ضده ( ع 18 ) .
هنا يميز القديس يوحنا الذهبى الفم بين الإناء الفخارى فى الإصحاح السابق الذى كان لا يزال طينا لم يدخل الفرن ويحتاج إلى إعادة تشكيله لأنه فسد ، وبين الإناء المذكور هنا الذى دخل الفرن وانكسر ... الأول يمثل النفس التى تعطى لها فرصة التوبة ، ولا يزال الله يترجى خلاصها ، أما الثانى فيمثل النفس التى صممت على عدم التوبة بإصرار ...
فى استطاعة الله ليس فقط أن يصلحنا خلال غسل التجديد ، حيث اننا خزف ، وإنما أيضا بعد أن استلمنا عمل الروح وانزلقنا ، يمكنه أن يردنا خلال التوبة الصادقة إلى حالنا السابق .
( 2 ) خروجه إلى وادى ابن هنوم " واخرج الى وادي ابن هنوم ،
الذي عند مدخل باب الفخّار ،
وناد هناك بالكلمات التي اكلمك بها " ع 2 .
دعى للخروج إلى وادى ابن هنوم ليتحدث هناك مع الشعب عند باب الفخار . يقع هذا الوادى فى جنوب شرقى أورشليم ، هناك كانت تحرق القمامة ، وأيضا جثث المجرمين .
دعى إلى هناك للأسباب التالية :
1 – هناك ارتكبوا أبشع فظائع الأعمال الوثنية ، أى تقديم أطفالهم ذبائح بشرية ومحرقات للإله ملوك ، فأراد أن تشهد عليهم الأرض التى مارسوا فيها الخطية .
2 – هناك يلزمهم أن يسمعوا عن مرارة الكارثة التى تحل بهم بكونها المنخفض الذى تلقى الجثث كقطع الخزف التى فى موضع القمامة .
3 – فى هذا الوادى وقف إرميا النبى وسط هذه كسر الأوانى الخزفية التى ألقيت للتخلص منها ، عند مدخل باب الفخار . حسب الترجوم هو باب الدمن ( الروث ) نح 2 : 13 ، 3 : 13 ، 14 ، 12 : 31 ، منه يلقى بواقى الحيوانات وكسر الخزف والقمامة والنفايات فى الوادى .
( 3 ) رسالة صريحة عن خطاياهم " وقل اسمعوا كلمة الرب يا ملوك يهوذا وسكان اورشليم " ع 3 .
لم يكن أحد يتوقع أن يقف إرميا عند باب الفخار حيث تلقى القمامة ليوجه الحديث إلى ملوك يهوذا مع سكان أورشليم ، حقا ما أصعب على نفس ملك يهوذا أن يأتيه الخبر بأن إرميا يوجه إليه رسالة عنيفة عند باب القاذورات وإلقاء القمامة ... لكن هكذا نزل الملك بنفسه إلى هذا المستوى بإشتراكه فى الرجاسات الوثنية وعنفها !
ما أصعب على أولاد الله الذين جعلهم الله ملوكا وكهنة ( رؤ 1 : 6 ) أن ينحدروا بأنفسهم ليسقطوا تحت الحكم مع أولاد إبليس الأشرار باشتراكهم معهم فى سلوكهم الشرير ، وينحطوا أحيانا إلى مستوى أدنى من الحيوانات !
" هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل :
هانذا جالب على هذا الموضع شرا كل من سمع به تطن اذناه " ع 3 .
إذ يتحدث عن التأديب الذى يحل بهم من قبل الله يقول :
" رب الجنود إله إسرائيل " ع 3 .
بهذا يوبخهم ، فإنه إذ يصدر الحكم بسبيهم يسيئون إليه أمام الأمم ، فيبدو كضعيف غير قادر على الدفاع عن شعبه كإله إسرائيل مع أنه رب الجنود السماوية .. إذ يسلم شعبه كما فى ضعف لأجل خلاصهم الأبدى .
لعله استخدم هذا اللقب كلقب رسمى ، فقد صدر الأمر من قبل الملك السماوى ، رب الجنود ، والمسئول عن شعبه .
يعلن الله عن خطورة التأديب بقوله : " كل من سمع به تطن أذناه " ع 3 ، استخدم التعبير هذا ضد عالى الكاهن كما ضد منسى الملك [ راجع 1 صم 3 : 11 ، 2 مل 21 : 12 ] ، وهنا يستخدمه إرميا ضد الكهنة والملوك مع كل الشعب السالك وراءهم .
جاء الإتهام صريحا فى النقاط التالية :
أولا : الإرتداد عن الله .
" من أجل أنهم تركونى " ع 4 .
ثانيا : إفساد البركات التى قدمت إليهم .
حولوا أرض الموعد التى كان الله يعتز بها ، قائلا عنها " أرضى " ، إلى " أرض غريبة " ، إذ يقول : " وأنكروا هذا الموضع " ع 4 ..
ثالثا : محبون للتغيير فى العبادة :
" وبخروا فيه لآلهة اخرى لم يعرفوها هم ولا آباؤهم ولا ملوك يهوذا " ع 4 .
أليس هذا هو سمة هذا العصر أيضا ، حب التغيير لأجل التغيير فى حد ذاته ؟! هذا الذى هو علامة على الفراغ الداخلى وعدم الشبع ! تغيير فى كل شىء حتى وإن كان إلى الأردأ !
رابعا : سافكوا دماء الأبرياء
" وملأوا هذا الموضع من دم الأبرياء " ع 4 ، وقد أشير إلى هذه الخطية عند الحديث عن منسى الملك ( 2 مل 21 : 16 ، 24 : 4 ) ويهوياقيم ( 22 : 17 ) .
خامسا : تقديم أطفالهم ذبائح بشرية للأوثان
" وبنوا مرتفعات للبعل ليحرقوا اولادهم بالنار محرقات للبعل الذي لم اوص ولا تكلمت به ولا صعد على قلبي " ع 6 .
يرفض الله تقديم ذبائح بشرية نهائيا ( تك 22 : 1 – 19 ) ، حتى حينما طلب من إبراهيم إسحق إبنه ذبيحة كرمز لذبيحة المسيح لم يسمح بأن تتم عمليا ، إنما قدمت بنية الحب الباذل ، مع إيمان إبراهيم أن إسحق يرجع حيا ، إذ آمن بالله الذى يقيم من الأموات .
( 4 ) تأديبهم أولا : تغيير اسم وادى هنوم إلى " وادى القتل " ع 6 . لأن كثيرين يسقطون فيه قتلى بالسيف ( ع 7 ) ، عندما يهاجمهم الأعداء ، أو عندما يحاولون الهروب فيلقى القبض عليهم ويقتلونهم .
أما قولـه : " واجعل جثثهم اكلا لطيور السماء ولوحوش الارض " ع 7 . كان ذلك علامة غضب الله وحلول اللعنة ، ليس فقط فى الشريعة الموسوية ( تث 28 : 26 ) وإنما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط كلها فى ذلك الحين .
ثانيا : الذين لا يقتلهم السيف يهلكهم الجوع حتى يأكلون أولادهم وبناتهم وأعز أصدقائهم .
ثالثا : تتحول المدينة إلى خراب ، يصير الموضع المقدس موضع سخرية الأرض كلها ، لأن الخطية تجلب الخزى والعار .
رابعا : تفشل كل محاولة للخلاص أو الهرب من الضيق .
خامسا : يستمر رعب اللعنات ، إذ يفقد الإنسان آدميته تحت ضغط الحصار والضيق ، فيأكل الكبار الصغار ، ثم يعودوا فيأكل الكبار كل واحد لحم أخيه .
" واطعمهم لحم بنيهم ولحم بناتهم ،
فياكلون كل واحد لحم صاحبه في الحصار والضيق الذي يضايقهم به اعداؤهم وطالبو نفوسهم " ع 9 .
حدث ذلك أيضا سابقا ، [ راجع 2 مل 6 : 26 الخ .. ، مرا 2 : 20 ، 4 : 10 ] وعام 70 م عندما حاصر الرومان أورشليم .
( 5 ) كسر الإبريق الخزفى
" ثم تكسر الابريق امام اعين القوم الذين يسيرون معك ،
وتقول لهم :
هكذا قال رب الجنود :
هكذا اكسر هذا الشعب وهذه المدينة كما يكسر وعاء الفخاري بحيث لا يمكن جبره بعد وفي توفة يدفنون حتى لا يكون موضع للدفن " ع 10 ، 11 .
أولا : بهذا العمل قدم عنصر المفاجأة ، إذ لم يكن أحد يتوقع أن يلقى إرميا النبى بالإناء الذى اشتراه ليحطمه كطفل أمام شيوخ الشعب وشيوخ الكهنة .
ثانيا : أساء الشعب فهم طول أناة الله فحسبوه صانع خيرات وواهب العطايا فقط ، بهذا كانت نظرتهم إلى الله ومعاملاته مع الإنسان غير كاملة .
ثالثا : كانت عادة كسر الأوانى الفخارية قائمة عند تنصيب ملوك مصر ( الفراعنة ) ، إذ ينقشون أسماء أعدائهم على أوان فخارية ويقومون بكسرها علامة تحطيمهم تماما .
رابعا : ارتبط كسر الإبريق بالأعلان عن كلمات الرب بخصوص تأديب الشعب لئلا يظنوا أن ما يمارسه إرميا من قبيل ممارسة السحر . كما يفعل الأشوريون فى طقوسهم السحرية .
خامسا : ظن شعب يهوذا وأورشليم أنهم أقوياء كالنحاس ولم يدركوا أن قوتهم وعنفهم إنما جعل منهم إناء خزفيا هشا .
سادسا : تحل النجاسة بالمدينة كلها ، وذلك بامتلاء شوارعها بالجثث ، إذ يقول :
" هكذا اصنع لهذا الموضع يقول الرب ولسكانه ،
واجعل هذه المدينة مثل توفه.
وتكون بيوت اورشليم وبيوت ملوك يهوذا كموضع توفه نجسة ،
كل البيوت التي بخروا على سطوحها لكل جند السماء ،
وسكبوا سكائب لآلهة اخرى " ع 12 ، 13 .
( 6 ) وقوفه فى دار بيت الرب ترك إرميا النبى وادى توفة وانطلق إلى الهيكل حيث وقف على تل فوق الوادى يؤكد ما قاله فى توفة . حسب الشعب ذلك مجرد تهديدات بالكلام ، لكن إرميا أوضح لهم أنهم يخدعون أنفسهم . كأنهم قد أضافوا إلى خطاياهم خطية الأستخفاف بالنبوات ، إذ قسوا قلوبهم ولم يسمعوا لصوت الرب على فم نبيه إرميا .
+ + + إرميا – الإصحاح العشرون
مقاومة فحشور له
كان يليق بالكاهن فحشور أن يكرم إرميا ويحميه ككاهن زميل له ، ويستشيره كنبى ، لأنه ينطق بكلمة الرب ، لكنه عوض ذلك جعله فى المقطرة ، ليضيق عليه فلا ينطق بالحق ، لكن التهبت كلمة الرب بالأكثر فى قلب إرميا ، ولم يستطع الصمت ، تمتع بالمعية مع الله وشهد للحق .
( 1 ) إرميا فى المقطرة " وسمع فشحور بن امّير الكاهن ،
وهو ناظر اول في بيت الرب ،
ارميا يتنبأ بهذه الكلمات.
فضرب فشحور ارميا النبي ،
وجعله في المقطرة التي في باب بنيامين الاعلى الذي عند بيت الرب " ع 1 ، 2 .
كان فحشور الكاهن هو الناظر الأول للهيكل لفترة مؤقتة ، فى سلطانه أن يسجن بتهمة الإخلال بالأمن العام . قام بضرب إرميا وجعله فى المقطرة وتركه يقضى ليلة فى السجن أو فى الجب السفلى .
غالبا لم يكن فحشور بين المستمعين لإرميا النبى فى توفة ، إنما وردت إليه أخباره هناك ، وعرف بما نطق به إرميا أمام بعض شيوخ الشعب وشيوخ الكهنة . وإذ رآه قادما نحو الهيكل توقع أنه يكرر ما قاله هناك أمام خدام الهيكل والشعب ، فيحل الرعب بالشعب ، وربما ينحاز البعض إليه فلا يقدر فشحور أن يتصرف بعد ذلك . لذلك أسرع بضربه ووضعه فى المقطرة علانية أمام الكل حتى متى تكلم لا يسمع له أحد . أراد أن يسخر به أمام الكل حتى لا يلتفتوا إلى كلماته .
بالنسبة لأسم " فشحور " ذكر إرميا فى الإصحاح التالى شخصا آخر يحمل ذات الإسم : " فشحور بن ملكيا " 21 : 1 .
ويرى البعض أن الأسم مصرى الأصل يعنى " ابن حورس " .
إنجيلنا ليس وسيلة للتمتع بالزمنيات ، إنما هو وسيلة للأرتفاع نحو السمويات ، على الجبال العالية يلتقى الله مع رجاله ، فعلى جبل سيناء التقى الرب مع نبيه موسى ، مقدما له شريعته المقدسة . وعلى جبل تابور التقى رب المجد مع موسى وإيليا وبطرس ويعقوب ويوحنا ، حيث تجلى أمام تلاميذه ، مظهرا لهم بهاء مجده .
يسوع يضرب فينا
يقول العلامة أوريجينوس :
[ " فضرب فشحور إرميا النبى " . يبدو أن فشحور كان ممسكا بعصا فى يده لأنه كان ساحرا . إذا رجعنا إلى سفر الخروج نجد أن سحرة مصر كان عندهم أيضا عصى ، أرادوا بها أن يظهروا أن عصا موسى ليست من الله ! لكن عصا الرب غلبت عصى السحرة وأكلتها .
" فضرب فشحور إرميا النبى " . أكد الكتاب صفة إرميا ورتبته : " النبى " . إذن الذى ضرب إرميا ضرب نبيا . ويذكر سفر أعمال الرسل أيضا أن واحدا ضرب بولس الرسول بأمر من حنانيا رئيس الكهنة ، لهذا قال له بولس الرسول : " سيضربك الله أيها الحائط المبيض " ، من الخارج له صورة رئيس كهنة عظيم ومن الداخل حائط مبيض ، مملوء عظام أموات وكل نجاسة .
لماذا نتكلم عن بولس وعن إرميا ؟ فإن ربى يسوع المسيح هو نفسه يقول : " أسلمت ظهرى للسياط وخدى أهملتهما للطم ، ولم أرد وجهى عن خزى البصاق " .
يظن بعض البسطاء أن ما حدث للسيد المسيح كان فى أيام بيلاطس فقط ، حينما أسلمه ليجلد وحينما اشتكى عليه اليهود ، أما أنا فأرى يسوع المسيح يسلم ليجلد فى كل يوم . ادخل إلى معابد اليهود اليوم وانظر كيف أن السيد المسيح يجلد منهم من خلال التجاديف ، كذلك انظر إلى أبناء الأمم الذين يجتمعون ليشتكوا على المسيحيين ، كيف يقبضون على يسوع المسيح الموجود فى كل مسيحى ويقومون بجلده . تأمل يسوع المسيح الإبن الكلمة كيف أنه مهان ومرذول ومحكوم عليه من غير المؤمنين .
انظر كيف أنه بعدما علمنا وأوصانا قائلا : " من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا " قام هو نفسه بتنفيذ هذه الوصية فأهمل خديه للطم . يوجد أناس كثيرون يجلدونه ويلطمونه أما هو فلا يفتح فاه . حنى يومنا هذا ، لا يرد يسوع المسيح وجهه عن خزى البصاق : لأن الذى يحتقر تعاليمه يكون كمن ينفض البصاق فى وجهه ] .
( 2 ) فشحور المرتعب " وكان في الغد ان فشحور اخرج ارميا من المقطرة.
فقال له ارميا :
لم يدع الرب اسمك فشحور بل مجور مسّا بيب.
لانه هكذا قال الرب :
هانذا اجعلك خوفا لنفسك ولكل محبيك ،
فيسقطون بسيف اعدائهم ،
وعيناك تنظران .
وادفع كل يهوذا ليد ملك بابل فيسبيهم الى بابل ويضربهم بالسيف " ع 3 ، 4 .
تحول اسم " فشحور " الذى يعنى " مثمرا من كل جانب " إلى " مجور مسا بيب " يترجمها البعض " رعب من كل جانب " .
يرى البعض أن الإسم الجديد يعنى " رحيلا " ، وكأن فشحور لن ينعم بالأستقرار بل يرحل إلى بابل مسبيا ، هو ومحبوه ، عندئذ يرتعبوا .
كان الأمر الإلهى للبشرية : " اثمروا واكثروا " تك 1 : 28 .
أما الآن فنزع الله عن فشحور هذه البركة ليدعوه " ارتعب أنت ومحبوك من كل جانب "
أولاد الله يعيشون فى فرح داخلى حتى وسط آلامهم ، أما أولاد إبليس فيعيشون فى رعب ، حتى إن نالوا كل العالم فى أيديهم .
" وادفع كل ثروة هذه المدينة وكل تعبها وكل مثمناتها ،
وكل خزائن ملوك يهوذا ادفعها ليد اعدائهم ،
فيغنمونها وياخذونها ويحضرونها الى بابل " ع 5 .
هكذا تمتد الخسارة لا إلى المحبين فحسب بل وإلى كل المدينة بكل إمكانياتها وخزائنها .
" وانت يا فشحور وكل سكان بيتك تذهبون في السبي وتأتي الى بابل وهناك تموت وهناك تدفن انت وكل محبيك الذين تنبأت لهم بالكذب " ع 6 ...
كان ينظر إلى الدفن فى أرض غريبة إحدى علامات غضب الله على الإنسان ، وسقوطه تحت اللعنة .
( 3 ) نار محرقة فى قلب إرميا فى لحظات ضعف بشرى وجد إرميا نفسه مضروبا ومهانا من كاهن زميل له ، وملقى فى المقطرة الليلة كلها ، وقد صار أضحوكة بين الكهنة والشعب .. كما شعر بفشل رسالته . ليس من يصغى إليه ، ولا من يهتم بكلمات الرب التى ينطق بها .
هذا كله أثار فى نفسه مشاعر مؤقتة ، سجلها لنا لكى ندرك أنه ليس أحد بلا ضعف ، مهما بلغت عظم رسالته .
فى مرارة مع صراحة تامة تحدث مع الله معاتبا إياه ، مقدما اعترافا :
" قد اقنعتني يا رب فاقتنعت ،
وألححت عليّ فغلبت.
صرت للضحك كل النهار كل واحد استهزأ بي " ع 7 .
حقا تكاليف الخدمة باهظة ، إذ يشعر الخادم فى بعض اللحظات كأن الوعود الإلهية لا تتحقق ، يرى من حوله يضحكون عليه ويستهزئون به .
شعر إرميا النبى أنه قد خدع !! أين وعود الله له : يحاربونك فلا يقدرون عليك ؟ 1 : 18 ، 19 .. هوذا الآن مهان ومضروب ومقيد ... ليس من يسمع له ، ولا من يصغى إليه !
لعله لم يدرك إرميا النبى أنه كان يليق به أن يحمل صورة مخلصه يسوع المسيح الذى صار أضحوكة كل النهار ، استهزأ به اللص ، وسخر منه الشعب كما الجند ، واجتمعت القيادات الدينية مع المدنية للخلاص منه ! .
هذه هى تكلفة الخدمة والتلمذة للسيد المسيح المصلوب ، القائل :
" ليس التلميذ أفضل من المعلم ، ولا العبد أفضل من سيده ... إن كانوا قد لقبوا رب البيت بعلزبول ، فكم بالحرى أهل بيته ؟! مت 10 : 24 ، 25 .
" لأنه إن كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا ، فماذا يكون باليابس ؟! لو 23 : 31 .
كانت صرخات إرميا للقيادات كما للشعب هى : ظلم واغتصاب ( ع 8 ) ، كاشفا لهم عن ضعفاتهم ، وفاضحا أعماقهم .. فلم يحتملوا .
ربما تردد أحيانا ولو إلى لحظات، متساءلا :
لماذا أخسر الناس ؟
لماذا أذكر اسم الله الذى يثيرهم ؟
لماذا لا أصمت ؟
لأترك الخدمة لآخر غيرى !
لكن صوت الحق كان كنار فى قلبه لا يقدر أن يخمدها
" لاني كلما تكلمت صرخت.
ناديت ظلم واغتصاب ،
لان كلمة الرب صارت لي للعار وللسخرة كل النهار.
فقلت لا اذكره ولا انطق بعد باسمه.
فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي ،
فمللت من الامساك ولم استطع " ع 8 – 9 .
كانت كلمة الله للتأديب نارا محرقة فى قلبه ، محصورة فى عظامه ، لكن بسبب أمانته لله وثقته فيه كمخلص لم يستطع أن يمسك عن الكلمة ، ولو كلفه الأمر حياته كلها .
( 4 ) مقاومة الناس ومساندة الرب " لاني سمعت مذمة من كثيرين.
خوف من كل جانب.
يقولون اشتكوا فنشتكي عليه.
كل اصحابي يراقبون ظلعي قائلين :
لعله يطغى فنقدر عليه وننتقم منه " ع 10 .
يبدو أن إرميا النبى قد دخل فى حالة ارتباك شديد وسط الجو العاصف الذى حل به . رأى الله يخدعه ولم يقف معه ليسنده ضد مقاوميه ، كما صار الأعداء ( الأنبياء الكذبة ) أصحابه يسمعون له لكى يتصيدوا له الأخطاء . تارة يهاجمونه ويسبونه كى لا يصغى الشعب إليه ، وتارة أخرى يراقبونه باهتمام كمن يطلبون كلمة منه .
سمعهم يذمونه ويسخرون منه ، كلماتهم تحمل سخرية من الخارج مع اضطراب فى الداخل ، فقد حل بهم الخوف ، وحاولوا علاج ذلك ، لا بالأستماع إلى صوت الرب ، بل بالسخرية به ... إنهم يخدعون أنفسهم ! .
" ولكن الرب معي كجبار قدير.
من اجل ذلك يعثر مضطهديّ ولا يقدرون.
خزوا جدا لانهم لم ينجحوا خزيا ابديا لا ينسى " ع 11 .
هذه هى صورة السيد المسيح الذى نام على الصليب ، فظنه عدو الخير أنه لا يقوم ، لكنه صرخ بقوة كجبار ، محطما متاريس الهاوية ، وضرب عدو الخير بالصليب ودفع به إلى عار أبدى ! ظن عدو الخير أنه بالصليب يحطم رسالة المسيح ، ولم يدرك أنه بالصليب تمت الغلبة والنصرة لحساب كل مؤمنيه ، وأن السهام قد أرتدت على عدو الخير نفسه لتحطيمه تماما !
( 5 ) تسبحة وسط الآلام إذ يدرك إرميا النبى معية الله وسط الآلام تتحول حياته من الضيق إلى الفرح ، مسبحا الله المنقذ نفس المسكين من يد الأشرار ، وذلك كما فعل المرنمون ، إذ غالبا ما تنتهى مزامير الرثاء بعبارات مفرحة تكشف عن الثقة فى الله كمخلص وسند للمتألمين .
" فيا رب الجنود مختبر الصدّيق ،
ناظر الكلى والقلب ،
دعني ارى نقمتك منهم لاني لك كشفت دعواي.
رنموا للرب سبحوا الرب ،
لانه قد انقذ نفس المسكين من يد الاشرار " ع 12 ، 13 .
كلمة الرب تسبب مرارة فى البداية لكن تتحول المرارة إلى عذوبة فتتحول حياة المؤمن كلها إلى تسبيح داخلى لا ينقطع .
جاءت التسبحة هنا مطابقة لتلك التى وردت فى إر 11 : 20 ، حينما وقف أهل عناثوث ضده . فمع كل ضيقة ينتهى إرميا إلى ممارسة حياة التسبيح والتمتع بفرح الله مخلصه .
( 6 ) لحظات ضعف بشرى كانت نفسية إرميا تتمرر من وقت إلى آخر فى لحظات الضعف ، إذ كان يشعر بانسحاق لأعماقه من أجل ما سيحل بشعبه ، وفى نفس الوقت يجد مقاومة حتى الموت من القيادات الفاسدة التى أثرت حتى على الشعب ، حتى اشتهى لو لم يولد .
" ملعون اليوم الذي ولدت فيه.
اليوم الذي ولدتني فيه امي لا يكن مباركا.
ملعون الانسان الذي بشّر ابي قائلا :
قد ولد لك ابن مفرحا اياه فرحا.
وليكن ذلك الانسان كالمدن التي قلبها الرب ولم يندم ،
فيسمع صياحا في الصباح وجلبة في وقت الظهيرة.
لانه لم يقتلني من الرحم ،
فكانت لي امي قبري ورحمها حبلى الى الابد.
لماذا خرجت من الرحم لارى تعبا وحزنا فتفنى بالخزي ايامي ؟!" ع 14 – 18 .
كان يشتهى لو لم يولد ، وكان يود لو أن أحشاء أمه صارت مقبرة له .
صورة للضعف البشرى الذى يسقط فيه حتى الأنبياء والرسل ... كبشر يحتاجون إلى سند إلهى وسط آلامهم حتى لا ينهاروا .
منذ لحظات كان يسبح الله وسط آلامه ، إذ كان متأكدا أنه يخلص نفس المسكين من يد الأشرار ... لكن سرعان ما ضعف وشعر بالفشل مشتهيا لو أن الموت قد حل به فى لحظات ولادته . وقد سمح له الله بتسجيل هذه المشاعر لكى لا نيأس حين نضعف وسط آلامنا ، متطلعين إلى أن الأنبياء أنفسهم كانوا أحيانا يضعفون .
مع كل هذه الظروف القاسية ، ومع مرارة نفسه لم يهرب من الخدمة ... بل كان يهتم بخلاص الآخرين ، حتى المقاومين له .
+ + + إرميا – الإصحاحات 21 – 33
نبوات ما قبل السقوط
ـــــــــــــــــــ الإصحاح الواحد والعشرون
قيادة جاحدة
يرد فى هذا الإصحاح أمور خاصة بأواخر أعمال إرميا ، إذ أرسل صدقيا ، آخر ملوك يهوذا ، يسأل إرميا النبى إن كان يثور على ملك بابل ، وكان يأمل أن تأتى الإجابة حسب هواه ، وأن يسمع من إرميا كلمة تشجيع ، لكن إرميا تكلم بشجاعة حسب قضاء الرب ، ليس محاباة لبابل ، وإنما كواقع يجب أن يدركه الملك والشعب ، وهو أن التأديب الإلهى يحل بهم حتما ، لذا طالب الشعب بالخضوع لملك بابل ، وطالب الملك وأسرته بالتوبة .
( 1 ) الملك صدقيا يطلب مشورة إرميا
" الكلام الذي صار الى ارميا من قبل الرب حين ارسل اليه الملك صدقيا فشحور بن ملكيا وصفنيا بن معسيا الكاهن قائلا :
اسأل الرب من اجلنا ،
لان نبوخذراصر ملك بابل يحاربنا.
لعل الرب يصنع معنا حسب كل عجائبه فيصعد عنا " ع 1 ، 2 .
يرى يوسيفوس المؤرخ اليهودى أن صدقيا الملك حين سمع كلمات إرميا صدقها ، وشعر أن كل ما ينطق به هو حق وأنها لصالحه ، لكن أصدقاءه غيروا فكره وانحرفوا به عما نطق به إرميا وألزموه أن يفعل حسبما يسرهم .
على أى الأحوال تكشف هذه العلاقة بين الملك والنبى أيهما كان الأقوى وأيهما كان الأضعف ... فى الواقع كان الملك ( القوى ) مرتعبا غير مستقر ، محتاجا إلى كلمة من إرميا النبى ( موضع سخرية الجميع ) تعطيه طمأنينة وسلاما !
أرسل الملك كاهنين هما فشحور بن ملكيا وهو غير فشحور بن أمير ( 20 : 1 ) وصفنيا بن معسيا . كانا كاهنين وموظفين عند الملك . كان فشحور يكن كل كراهية لإرميا ويرجح أن والده ملكيا هو الذى ألقى إرميا فى الجب ( 38 : 6 ) .
طلب الملك معرفة إرادة الله لعل إجابة الله تتفق مع ما هم مصممون على عمله . إنهم يخدعون أنفسهم ، يطلبون صوتهم هم على لسان الرب .
( 2 ) إجابة إرميا : الله نفسه ضد يهوذا إذ كان صدقيا مرتعبا بسبب العدو الخارجى الرابض خارج أسوار أورشليم وجه إرميا أنظاره إلى عدو داخل الأسوار هو فساد قلبه وقلوب من معه ، الذى حول الله إلى العداوة ضدهم .
" فقال لهما ارميا :
هكذا تقولان لصدقيا :
هكذا قال الرب اله اسرائيل :
هانذا ارد ادوات الحرب التي بيدكم التي انتم محاربون بها ملك بابل والكلدانيين الذين يحاصرونكم خارج السور ،
واجمعهم في وسط هذه المدينة " ع 3 ، 4
لم يذعن إرميا النبى لرغبة الملك ولم يسايره فى شىء بل كشف بشجاعة عما أعلنه الله له من جهة قضائه ، أى الهلاك لجميع الذين يقاومون بابل حتى الملك وأهل بيته . لا يعنى ذلك أن إرميا كان محبا لبابل ، بل أدرك أن بابل مع كل ظلمها وقساوتها يستخدمها الله – إلى حين – كأداة لتأديب شعبه العنيد والجاحد له .
موقف إرميا هذا خلق عداوة شديدة لكثيرين من مواطنيه ضده ، فاتهموه بالخيانة الوطنية
الله يؤكد لشعبه أن نتيجة المعركة لا تتوقف على كمية الأسلحة أو قدرتها ، وإنما على وجه الله الذى يديره نحو شعبه أو عنهم .
عندما نتصالح مع الله تصطلح الطبيعة معنا ، وتتحول كل الطاقات لبنياننا ، وعندما نقاوم الله تحمل كل الأمور عداوة ضدنا .
" وانا احاربكم بيد ممدودة وبذراع شديدة ،
وبغضب وحمو وغيظ عظيم.
واضرب سكان هذه المدينة ،
الناس والبهائم معا.بوبإ عظيم يموتون " ع 5 ، 6 .
النقطة الخطيرة أن الله نفسه هو الذى يحارب ضدهم ، مستخدما الكلدانيين كوسيلة خاصة به . يحول أسلحة يهوذا إلى هلاكهم ، كما يسمح بالوبأ والسيف والجوع أن يهلكهم هم وحيواناتهم ... مهيأ كل فرصة للعدو أن يغلبهم !
إن كان إرميا قد عجز عن تقديم المصالحة بين الله وشعبه ، فإننا قبلناها ببسط يده ، أى بالتجسد الإلهى .
( 3 ) نصيحة : الخضوع للتأديب الإلهى " وتقول لهذا الشعب :
هكذا قال الرب.
هانذا اجعل امامكم طريق الحياة وطريق الموت.
الذي يقيم في هذه المدينة يموت بالسيف والجوع والوبإ.
والذي يخرج ويسقط الى الكلدانيين الذين يحاصرونكم يحيا وتصير نفسه له غنيمة. لاني قد جعلت وجهي على هذه المدينة للشر لا للخير يقول الرب.
ليد ملك بابل تدفع فيحرقها بالنار " ع 8 – 10 .
لم يعد أمام صدقيا ورجاله وكل الشعب إلا الأختيار بين أقل الأمرين مرارة : الأستسلام لبابل أو الموت . هذا ما فعلته الخطية بهم ، إصرارهم على الخطية زمانا طويلا أفقدهم إمكانية التمتع بالحرية .
كان إرميا النبى يتكلم كمنطق رجل الله – وليس كرجل سياسة – يوجه الكل نحو الخضوع للتأديب الإلهى كخطوة أولى نحو التجديد المقبل ، كأعتراف مبدئى بالخطأ والرغبة فى التوبة .
رأى البعض من الشعب موقف إرميا النبى خيانة وطنية ( 38 : 17 – 21 ) .
( 4 ) الحاجة إلى التوبة " ولبيت ملك يهوذا تقول اسمعوا كلمة الرب.
يا بيت داود هكذا قال الرب :
اقضوا في الصباح عدلا ،
وانقذوا المغصوب من يد الظالم ،
لئلا يخرج كنار غضبي فيحرق وليس من يطفئ من اجل شر اعمالكم " ع 11 ، 12 .
جاء حديثه عن التوبة عمليا ، إذ بدأ بالملك بكونه القائد الأعلى للشعب والمسئول أمام الله عنهم ، مؤكدا أنه من بيت داود رجل الله ، لذا يليق به أن يسمع لصوت الرب ويمارس التوبة العملية .
يوضح الله للملك عمليا ما هى خطاياه ، لكى يقدم عنها توبة عملية ، وقد ركزها فى أمرين :
أولا : الظلم وتجاهل العدالة .
ثانيا : التأله والعجرفة .
" فى كل صباح باكر " لأن القضايا كانت تنظر فى الصباح الباكر عند باب المدينة .
فى تعليق للقديس هيبو ليتس على كلمات ربنا يسوع مع الأشرار فى اليوم الأخير ، يقول :
[ حينئذ يسألون : " يارب ، متى رأيناك جائعا أو عطشانا أو غريبا أو عريانا أو مريضا أو محبوسا ولم نخدمك ؟! مت 25 : 44 .
يارب ، أما تعرفنا ؟!
أنت هو الذى خلقتنا ، ووهبتنا الروح والنفس !
إننا آمنا بك ، ونلنا ختمك .
نلنا معموديتك ، واعترفنا بك إلها ... صنعنا آيات بإسمك ، وأخرجنا شياطين ! من أجلك أمتنا الجسد ، واحتملنا البتولية وسلكنا فى العفة !
من أجلك تغربنا على الأرض ، وأنت تقول : لا أعرفكم ، إذهبوا عنى ؟!
يجيب الرب قائلا :
لقد ختمتم بخاتم صليبى ، لكنكم طمستموه بقساوة قلوبكم !
نلتم معموديتى ، لكنكم لم تبالوا بوصاياى !
أخضعتم أجسادكم للبتولية ، لكنكم لم تصنعوا رحمة ، ولا أخرجتم البغضة نحو أخيكم من قلوبكم !
لأنه ليس من يقول يارب يارب يخلص ، بل الذى يصنع مشيئتى ] .
( 5 ) أورشليم تؤله نفسها " هانذا ضدك يا ساكنة العمق ،
صخرة السهل يقول الرب.
الذين يقولون من ينزل علينا ومن يدخل الى منازلنا.
ولكنني اعاقبكم حسب ثمر اعمالكم يقول الرب.
واشعل نارا في وعره ( غابته ) فتاكل ما حواليها " ع 13 ، 14 .
ظنت أورشليم أنها بعيدة عن طائلة قانون الله وتأديبه .
لقد ألهت أورشليم نفسها ، فظنت أنه لن يقترب منها العدو ، ولا يلحق بها الله نفسه . إنها ملكة متربعة على الوادى ، وصخرة قوية ليس من يحطمها !
" ولكنني اعاقبكم حسب ثمر اعمالكم يقول الرب.
واشعل نارا في وعره فتاكل ما حواليها " ع 14 .
الحديث هنا موجه إلى سكان أورشليم ، ويرى البعض أنه موجه ضد القصر الملكى ، وذلك بسبب كثرة ما استخدموه من الأرز فى تأسيسه ..
نختم هذا الإصحاح بعبارات القديس أغسطينوس :
[ لا يخدع إنسان نفسه ظانا أنه لن يعاقب بمراحم الله ، إذ يوجد حكم .
ولا يخاف إنسان يتغير إلى الأفضل من حكم الرب ، متطلعا أن الرحمة تتقدم الحكم !
فإنه عندما يحكم البشر أحيانا إذ يريدون تنفيذ حكم صارم يفقدون الرحمة .
أما الله فلن يفقد حزم الحكم فى سخاء الرحمة ، ولا الحكم الحازم ينزع سخاء الرحمة ]
+ + + إرميا – الإصحاح الثانى والعشرون
حاجةالملك إلى التوبة
إن كان الله قد أقام الملك على كرسى داود ، فإنه يليق به كقائد أمين فيما وهبه الله أن يمارس التوبة بروح العدل والرحمة والأتضاع عوض الظلم والكبرياء ، حتى لا يفشل ، ويصير كعقيم لا يجلس أحد من نسله على كرسى داود . يناقش هذا الإصحاح مصير ثلاثة ملوك طغاة ليهوذا ، هم أبناء الملك يوشيا الصالح : يهوآحاز ( شلوم ) ، ويهوياقيم ، ويهوياكين ( كنياهو ) ، ومصير مدينة أورشليم ومملكة يهوذا ، حيث لا يعود يقام ملك على كرسى داود بعد من نسلهم .
( 1 ) حديث صريح مع يهوآحاز صدرت الأوامر الإلهية إلى أرميا النبى أن يكرز أمام الملك بحزم شديد وتهديد إلهى :
" هكذا قال الرب :
انزل الى بيت ملك يهوذا وتكلم هناك بهذه الكلمة ، وقل :
اسمع كلمة الرب يا ملك يهوذا الجالس على كرسي داود ،
انت وعبيدك وشعبك الداخلين في هذه الابواب " ع 1 ، 2 .
يبدو أن هذا الأمر الإلهى الخاص بحديث إرميا عند بيت الملك كان مبكرا ، فى بدء خدمته ، حيث حمل حديثه رجاء فى إفاء الشعب مع الكهنة ورجاله من السبى إن تاب الجميع ، قادة ورعية ، كما هو واضح من القول : " لانكم ان فعلتم هذا الامر يدخل في ابواب هذا البيت ملوك جالسون لداود على كرسيه راكبين في مركبات وعلى خيل.هو وعبيده وشعبه " ع 5 .
جاء هذا الحديث هكذا :
أولا : " انزل " ...لأن قصر الملك كان فى أحد الوديان محميا بالجبال المحيطة به . دعوة الرب لإرميا أن ينزل تحمل معنيين :
المعنى الأول : أنه لا يخشى الملك بكل سلطانه كأنه عال ومرتفع عنه ، إنما يتطلع إليه كمن ينزل النبى إليه . إن أرميا كرجل الله يجد له مسكنا فى قلب الله ، مرتفع فوق كل الأحداث الزمنية ... عندما يلتقى بالملك إنما ينزل إليه ليحدثه .
المعنى الثانى : أن النزول يحمل الحب نحو النفس الساقطة ، فليق بأولاد الله ألا يتحدثوا بروح التشامخ ، كأنهم جالسون على كراسى المعلمين المتشامخة ، بل ينزلوا إلى كل نفس ليلتقوا معها كشركاء معها فى الضعف ، فتجد فيهم أشخاصا يشاركونها آلامها وضعفها ، فتقبل كلمة الرب .
ثانيا : يذكره بأنه الجالس على كرسى داود ، الذى كان يحمل قلبا كقلب الله ، وقد نال من الله وعودا ، لذا يليق بنسله أن يحملوا روحه ، ويعيشوا كما يليق بأبناء داود البار ، ولا يكسروا العهد مع الله .
هكذا يمكننا القول بأن الحديث هنا موجه إلى كل مؤمن تمتع بالملوكية ، إذ صرنا خلال اتحادنا بالسيد المسيح إبن داود أو بملك الملوك ملوكا على يهوذا ، حيث صارت نفوسنا وأعماقنا أرض يهوذا المحبوبة لدى الله مخلصنا .
ثالثا : جاء النداء الأول للملك وعبيده أى رجاله وشعبه هو : " اسمع كلمة الرب يا ملك يهوذا ... أنت وعبيدك وشعبك الداخلين فى هذه الأبواب " ع 2 .
كلمة الرب هى وراء تقديس النفس والجسد ، لأنها حية وفعالة !
أما هذه الأبواب فهى ليست أبواب المدينة العامة ، وإنما أبواب القصر الملكى ، التى كان يدخلها رجال القصر والشعب الذين عوض طلب العدل استغلوا روح الظلم الذى ساد الملك ورجاله لحسابهم الخاص .
( 2 ) أجروا حقا وعدلا " هكذا قال الرب :
اجروا حقا وعدلا ،
وانقذوا المغصوب من يد الظالم والغريب واليتيم والارملة ،
لا تضطهدوا ولا تظلموا ولا تسفكوا دما زكيا في هذا الموضع " ع 3 .
استغل الملك ورجاله الغير ، خاصة الضعفاء والمحتاجين ، على خلاف والده يوشيا الذى اهتم بتحقيق العدالة وإنصاف المظلومين .
كما أن الخطية تحطم بيوت الملوك والشعب ، هكذا العدل والبر يسندان الكل ويعطيان قوة وكرامة ومجدا .
" لانكم ان فعلتم هذا الامر يدخل في ابواب هذا البيت ملوك جالسون لداود على كرسيه راكبين في مركبات وعلى خيل.
هو وعبيده وشعبه.
وان لم تسمعوا لهذه الكلمات فقد اقسمت بنفسي يقول الرب ،
ان هذا البيت يكون خرابا " ع 4 ، 5 .
إن كان الله قد بارك يهوذا من أجل عبده داود ، لكن إن لم يسلك نسله على منواله فى علاقته بالله يفقدون هذه البركة . هذا مركز الفكر اللاهوتى السياسى عند إرميا .
يعتمد استمرار البيت الملوكى ، حتى إن نسب لداود ، على قبول الملك رسالة إرميا من كل القلب . بهذا فقط تبقى أبواب القصر الملوكى مفتوحة أمام الملك ورجاله وشعبه للدخول والخروج .
" لانه هكذا قال الرب عن بيت ملك يهوذا.
جلعاد انت لي ،
راس من لبنان ،
اني اجعلك برية ، مدنا غير مسكونة " ع 6 .
يشبه البيت الملكى وربما الملك نفسه بجلعاد ، أى الجبل العالى ، أو بقمة جبل من جبال لبنان الشامخة ، فإنه وإن ظن فى نفسه أنه ثابت ومملوء أمانا ليس من يقدر أن يهبط به من هذا العلو إلا أنه ينحدر ليصير كبرية قاحلة وكمدينة خربة لا يسكنها أحد .
لم يقل " إنى أجعلك ...مدينة غير مسكونة " بل " مدنا " ، لأن الخراب يشمل كل المملكة بمدنها ، وليس أورشليم وحدها .
" واقدّس عليك مهلكين كل واحد وآلاته ،
فيقطعون خيار ارزك ويلقونه في النار " ع 7 .
هنا كلمة " تقديس " تعنى " تكريس طاقاتها وإمكانياتها " أو تخصيصها . وكأن الله يضع فى قلب بابل أن تكرس كل إمكانياتها البشرية والعسكرية لتحطيم الشعب الذى عصى الرب .
بسبب فساد الملك تفقد أورشليم ، مدينة الله ، سمعتها ،بل وتكاد تفقد وجودها ، فتصير برية خربة بلا ساكن .
كل نمو روحى فى حياتك هو لبنيانك وبنيان أسرتك وأصدقائك وكنيستك ومدينتك ووطنك ، بل ولبنيان البشرية ، وكل انهيار أو انحراف عن الطريق الملوكى يحطمك ويحطم من حولك ، ويدفع بالعالم نحو الخراب !
لا تستهن بدورك ، كاهنا كنت أم من الشعب ، شيخا أو شابا أو طفلا ، رجلا أو إمرأة !
( 3 ) لا تبكوا ميتا " لا تبكوا ميتا ولا تندبوه.
ابكوا ابكوا من يمضي ،
لانه لا يرجع بعد فيرى ارض ميلاده.
لانه هكذا قال الرب عن شلوم بن يوشيا ملك يهوذا المالك عوضا عن يوشيا ابيه الذي خرج من هذا الموضع لا يرجع اليه بعد ،
بل في الموضع الذي سبوه اليه يموت ،
وهذه الارض لا يراها بعد " ع 10 – 12 .
الميت المذكور هنا هو يوشيا الذى قتل فى معركة مجدو عام 609 ق.م. ( 2 مل 23 : 29 – 30 ) بعد حكم طويل وحياة صالحة ، مما يستوجب اشتداد الحزن والحداد .
ولكن إرميا يقول هنا أنه يجب أن يشتد البكاء على الملك الجديد الشاب يهو آحاز بن يوشيا ، الذى سبى بعد ثلاثة شهور وعشرة أيام بواسطة فرعون مصر نخو ولم يرجع منها فيما بعد .
لقد تولى الحكم ظلما بدلا من أخيه البكر ، الله يطلب من الشعب أن يبكوا يهوآحاز أكثر مما بكوا والده ، لأن يوشيا ذهب إلى القبر بسلام وبكرامة ، أما إبنه الشقى فتحسب حياته كموته بلا كرامة ، يعيش فى السبى فى مهانة .
يلزمنا أن نكرم موت الصديقين ونشتهيه ، بينما نشعر ببؤس حياة الأشرار .
( 4 ) الأعتداد بالذات ( يهوياقيم )
بعدما تحدث عن سبى يهوآحاز انتقل إلى الملك يهوياقيم الظالم والطماع والطاغية ، وقد قضى 11 عاما فى ملكه .
" ويل لمن يبني بيته بغير عدل ،
وعلاليه ( حجراته التى على السطح ) بغير حق ( بظلم ) ،
الذي يستخدم صاحبه مجانا ولا يعطيه اجرته.
القائل : أبني لنفسي بيتا وسيعا وعلالي فسيحة ،
ويشق لنفسه كوى ،
ويسقف بارز ،
ويدهن بمغرة " ع 13 – 14 .
لا نسمع عن علاقة إرميا النبى بيوشيا الملك وإبنه يهو آحاز ، لكننا نسمع كثيرا عن علاقته بالملك يهوياقيم الذى يتحدث عنه هنا ( ع 13 – 19 ) . فقد كان عدوا لإرميا منعه من قراءة نبواته ومزق السفر ( إر 36 ) . كان يهوياقيم الملك المستبد الدكتاتور ، رفض إصلاحات أبيه الملك يوشيا ، وكان منحازا لفرعون مصر ومتكلا عليه ، إذ أقامه نخو سلفا لأخيه يهوآحاز ( 2 مل 23 : 34 ) .
عنفه إرميا النبى على كبريائه وظلمه خلافا لأبيه يوشيا ، ورفضه للعدل والبر ( بغير حق ) . وقد جاء توبيخه للملك يتركز فى النقاط التالية :
أولا : شغفه بإنشاء أبنية ضخمة فاخرة .. مارس الحياة المترفة المدللة مع عجرفة وكبرياء .. شتان ما بين يهوياقيم ووالده يوشيا . الأول أقام بيتا صالحا ، بينما أقام الثانى بيتا فاخرا فسيحا ، الأول بالبر أقام بيته ، والثانى بغير عدل ولا حق ( بر ) أنشأه .
استخدم القديس غريغوريوس النزينزى هذه العبارات الخاصة بسكنى الملك يهوياقيم فى مبان فخمة فى حديثه ضد الأريويسيين الذين سطوا على الكنائس وتعقبوا رجال الله لقتلهم : [ هؤلاء الناس لهم بيوت ، أما نحن فلنا الساكن فى البيت ،
لهم معابد ، أما نحن فلنا الله ، وبجانب هذا نحن أنفسنا هياكل حية لله الحى ، محرقات عاقلة ، ذبائح كاملة ، نعم آلهة خلال العبادة للثالوث .
معهم البشر ، ونحن معنا الملائكة ،
يندفعون بتهور ، ونحن لنا الإيمان ،
يهددون ونحن نصلى ،
يشتمون ونحن نحتمل ،
لهم ذهب وفضة ونحن لنا الكلمة النقية ،
بنوا لأنفسهم بيتا وسيعا وعلالى فسيحة ، بيتا مسقوفا ، وشقوا كوى ( إر 22 : 14 ) ، لكن حتى هذه ليست أعلى من إيمانى ولا من السموات التى أحملها قدامى ] .
ثانيا : يقول " الذى يستخدم صاحبه ( الشعب ) مجانا ولا يعطيه أجرته " ليكشف عن أسلوبه الأستغلالى ، واتباعه نظام السخرة المخفية .
ثالثا : جاء الفعل " يشق " بمعنى " يمزق " . أى يوسع الكوى وكأنه يمزق حياته كثوب ، ويفقد الستر والكرامة ليصير كمن هو عريان وفى عار .
رابعا : معاملته القاسية ، وظلمه للفقراء والمساكين :
" هل تملك لانك انت تحاذي الارز ؟!
أما اكل ابوك وشرب واجرى حقا وعدلا.
حينئذ كان له خير.
قضى قضاء الفقير والمسكين ،
حينئذ كان خير.
أليس ذلك معرفتي يقول الرب ؟
لان عينيك وقلبك ليست الا على خطفك وعلى الدم الزكي لتسفكه ؟!
وعلى الاغتصاب والظلم لتعملهما ؟! " ع 15 – 17 .
كأنه يقول له :
ليست المبانى الفسيحة الفخمة هى التى تجعل منك ملكا ، ولا أخشاب الأرز الثمينة أو الزينة ...
فكر كيف عاش أبوك كملك مكرم . لقد أكل وشرب حسنا ، لكن هدفه هو الألتزام بمسئوليته الملوكية من تحقيق العدالة والبر فى حياته وحياة شعبه .
بأمانة كاملة تحدث إرميا النبى عن نهاية الملك يهوياقيم ، قائلا :
" لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا :
لا يندبونه قائلين آه يا اخي او آه يا اخت.
لا يندبونه قائلين آه يا سيد او آه يا جلاله.
يدفن دفن حمار مسحوبا ومطروحا بعيدا عن ابواب اورشليم " ع 18 ، 19 .
سبق فقال عنه " ويل لهذا الرجل " ( ع 13 ) .... وعلامة الويل الخارجية أنه بنى قصرا فخما بمال الظلم ، ولم يجد جثمانه قبرا يدفن فيه ، ولا من يبكيه . فكما لم يسمع لدموع المظلومين والمحتاجين ، لا يجد من يسكب دمعة واحدة عليه .
يدفن دفن حمار ، لا توجد له مقبرة لدفنه ، يقول المؤرخ اليهودى يوسيفوس بأن نبوخذنصر قتله فى أورشليم وترك جثمانه بلا دفن بعيدا خارج أبواب المدينة .
( 5 ) ثمرة العصيان بعد أن تحدث عن الملك يهوياقيم الشرير ومصيره ، يوجه هنا خطابا لأورشليم العاصية عاصمة مملكته ، موضحا ثمرة هذا العصيان الذى نشأت عليه منذ صباها :
" اصعدي على لبنان واصرخي ،
وفي باشان اطلقي صوتك ،
واصرخي من عباريم ،
لانه قد سحق كل محبيك.
تكلمت اليك في راحتك.
قلت : لا اسمع.
هذا طريقك منذ صباك انك لا تسمعين لصوتي " ع 20 ، 21 .
الأماكن المذكورة هنا هى مرتفعات حول أورشليم ، يسمع منها الصوت جليا من بعيد حتى يعم الخبر .
المحبين الذين سقطوا .. ربما يقصد الأمم المحيطة بهم المتحالفة معهم ، وأيضا مصر فإنها عوض مساندتهم تنسحق هى وتتحطم .
" هذا طريقك منذ صباك انك لا تسمعين لصوتي " ع 21 يعنى أن حركة العصيان لم تحدث فجأة فى أورشليم ، لكنها صارت أشبه بطبيعتها الملازمة لها منذ صباها .
" كل رعاتك ترعاهم الريح ،
ومحبوك يذهبون الى السبي ،
فحينئذ تخزين وتخجلين لاجل كل شرك " ع 22 .
ربما قصد بـ " رعاتك " ملوك يهوذا ورجالهم الذين كان يجب أن يرعوا الشعب ، فصاروا فى حاجة إلى رعاية من الخارج .
" ايتها الساكنة ( المتربعة ) في لبنان ،
المعششة في الارز ،
كم يشفق عليك عند أتيان المخاض عليك الوجع كوالدة " ع 23 .
فى شىء من السخرية للمتربعة على عرش ، والمفتخرة بعلوها بعد أن صار الريح هو راعيها ، والسبى هو مسكن محبيها ، فقدت عرشها وانحدر عشها من قمة الأرز ، وصارت كإمرأة فى حالة ولادة ، ليس من يشفق عليها ، ولا من يعينها وسط آلامها ! .
( 6 ) تحطيم يهوياكين " حيّ انا يقول الرب ولو كان كنياهو بن يهوياقيم ملك يهوذا خاتما على يدي اليمنى فاني من هناك انزعك " ع 24 .
بدأ الحديث عنه بقسم من جانب الله لتأكيد تأديبه يهوياكين لإصراره على الشر :
" حى أنا يقول الرب " .
حرم الملك من وكنه ومن شعبه ، فصار فى مذلة داخلية مهما قدم له من كرامة أو إمكانيات .
ينتزع الله يهوياكين من يده ليضعه فى يد العدو ، إذ يقول :
" واسلمك ليد طالبي نفسك ،
وليد الذين تخاف منهم وليد نبوخذراصر ملك بابل وليد الكلدانيين.
واطرحك وامك التي ولدتك الى ارض اخرى لم تولدا فيها وهناك تموتان.
اما الارض التي يشتاقان الى الرجوع اليها فلا يرجعان اليها " ع 25 – 27 .
عوض أن يكون مكانه فى يد الله حيث الحرية والمجد ، يصير موضعه هو وأمه فى السبى حيث العبودية والذل ( 2 مل 24 : 8 ، 15 ) .
لقد نادى الأنبياء الكذبة بأنه يرجع من السبى وذلك لكى يعطوا رجاء لرجال الدولة والشعب ويسرونهم ، فكان كثيرون يعتبرونه الملك الرسمى بالرغم من سبيه ، لكن إرميا النبى فى جرأة نطق بما تكلم به الرب .
" هل هذا الرجل كنياهو ( يهوياكين ) وعاء خزف مهان مكسور ؟!
او اناء ليست فيه مسرة ؟!
لماذا طرح هو ونسله وألقوا الى ارض لم يعرفوها ؟
يا ارض يا ارض يا ارض اسمعي كلمة الرب.
هكذا قال الرب :
اكتبوا هذا الرجل عقيما رجلا لا ينجح في ايامه ،
لانه لا ينجح من نسله احد جالسا على كرسي داود ،
وحاكما بعد في يهوذا " ع 28 – 30 .
بعد أن كان كخاتم فى يد الله ، له تقديره الثمين فى عينى الله وأمام السماء والأرض ، صار ملقيا كإناء مكسور ليس من يسر به .
وقد قيل عن مقاومى السيد المسيح :
" تحطمهم بقضيب من حديد ، مثل إناء خزاف تكسرهم " مز 2 : 9 ... هوذا الله المخلص يحطم بقضيب من حديد ذاك الملك المقاوم له .
+ + +
| |
|